التنازل لفائدة “البيدوفيل” في قضية اغتصاب قاصر لا يسقط الدعوى العمومية
مزاكان نيوز _ أحمد مصباح
في تطور مثير، عمدت والدة القاصر، ضحية الاغتصاب “العلني”، الذي كان شاطئ الجديدة، السبت 12 غشت 2023، مسرحا مفتوحا لواقعته الإباحية المشينة، على مرأى المصطافين، والتي وثقت لها فتاتان من مراكش، بالصورة والصوت، من خلال “فيديو” التقطتاه بهاتفهما النقال، جرى تداوله على نطاق واسع داخل وخارج أرض الوطن، عبر تطبيق “واتساب”، ومواقع التواصل الاجتماعي، (عمدت)، حسب مصدر مطلع، إلى “التنازل” (désistement)، لفائدة “البيدوفيل” (57 سنة)، مغتصب فلذة كبدها في عمر الزهور (9 سنوات)، والذي يوجد رهن الاعتقال الاحتياطي بالسجن المحلي سيدي موسى بالجديدة.
هذا،، فإذا كان “حق التنازل” يكفله القانون، لكل شخص ذاتي أو معنوي تقدم بشكاية في موضوع نازلة إجرامية، أكانت جنحية أو جنائية، نصت عليها وعلى عقوباتها مقتضيات القانون الجنائي المغربي، والذي يكون إما بشكل قبلي، أي أمام الضابطة القضائية، والذي يتم تحريره وتضمينه في محضر قانوني، وإرفاقه بالمسطرة القضائية المرجعية، أو عند الإحالة على أنظار النيابة العامة المختصة لدى محكمة الدرجة الأولى أو محكمة الدرجة الثانية، أو خلال سريان جلسة أو جلسات المحاكمة، أمام الغرفة الجنحية أو الجنائية، يكون (التنازل) فقط عن المطالب المدنية، التي يتقدم بها المطالب بالحق المدني، عن طريق دفاعه، في إطار الدعوى العمومية، والتي قد تقضي بها هيئة الحكم (القضاء الجالس)، في حالة ثبوت الأفعال الجرمية، وإدانة المتهم، وذلك جبرا للضرر الحاصل، ماديا كان أو معنويا، أو هما معا، بحكم أن الضرر لا يلحق، في شقه المادي والمدني، المجتمع، وإنما المشتكي (المتضرر)، الذي قد يكون شخصا واحدا، ذاتيا أو معنويا، أو مجموعة أشخاص ذاتيين أو اعتباريين.. أو الطرف المشتكي (المتضرر)، الذي يعمد إلى رفع الدعوى المدنية مستقلة عن الدعوى العمومية، أو جمعية من المجتمع المدني، تنصب نفسها طرفا مطالبا بالحق المدني، تكون تحظى بصفة التقاضي والمقاضاة، المنصوص عليها بموجب قانون المسطرة الجنائية.
وتجدر الإشارة إلى أن “التنازل” ليس من شأنه، في حالة “البيدوفيل البيضاوي” أن يسقط “الدعوى العمومية”، والتي تظل قائمة إلى حين صدور حكم قضائي نهائي، في جميع مراحل التقاضي (الاستئناف، والنقض..)، غير قابل للطعن، بعد أن يصبح مكتسبا للقوة الشيء المقضي به.. وذلك بحكم أن “الدعوى العمومية” هي من اختصاص النيابة العامة، التي تكون ممثلة خلال أطوار المحاكمة ب”المدعي العام” (l’avocat général)، الذي بعرف بالمناسبة لدى العامة ب”المغرق”، تسمية لها رمزيتها ودلالتها، كونه هذا المسؤول القضائي يقف دائما، من منطلق كونه تمثيله ونيابته عن المجتمع والحق العام، في صف الطرف المشتكي، في مواجهة الطرف الموضوع في قفص الاتهام، ملتمسا في مرافعاته، إدانته، وإنزال العقوبات به، طبقا وتطبيقا لفصول المتابعة الجنائية، من خلال حكم تصدره المحكمة، في حالة الإدانة؛ حكم يتوخى منه ردع الجاني، تحقيقا، من جهة، للردع الخاص، وتحقيقا، من جهة موازية، للردع العام، بشكل استباقي ووقائي، في مواجهة كل من قد تسول له نفسه، أو قد يفكر في ارتكاب جريمة، لحمله على العدول عن اقتراف أي فعل مناف للقانون والأخلاق، من شأنه إلحاق الضرر بالمجتمع.
إلى ذلك، فإن “البيدوفيل البيضاوي”، المودع رهن الاعتقال الاحتياطي، على خلفية هتك قاصر بالعنف، والاتجار بالبشر، سيمثل أمام قاضي التحقيق الجنائي، غدا، الأربعاء 30 غشت الجاري، والذي يصادف العطلة القضائية، التي يستفيد منها سنويا، بمختلف محاكم المملكة، أغلبية قضاة القضاء الواقف والقضاء الجالس، والمحامين وأطر وموظفي وزارة العدل.. لإخضاعه للاستنطاق التفصيلي، على خلفية فصول المتابعة الجنائية، التي اعتمدتها النيابة العامة المختصة، في تكييفها القانوني لوقائع “الجريمة الأخلاقية”، والتي من ضمنها الفصلان 485 و488 من القانون الجنائي، ولاحقه من قانون الاتجار بالبشر.
وقد طالب بعض الفاعلين ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، تحقيقا للردع الخاص والعام، وبالنظر لبشاعة الأفعال التي يكون “الوحش الآدمي” ارتكبها عن قصد وبنية مبيتة، والتي كان يعلم بجسامتها، عقوبة الإعدام (la peine capitale) أو عقوبة الإخصاء (la castration). وهي العقوبة التي لا يمكن أن تتحقق، من باب الاجتهاد القضائي (la jurisprudence judiciaire)، في ظل وجود فصل أو فصول جنائية واضحة وصريحة.
وبالمناسبة، فقد نص الفصل 485 من القانون الجنائي، عما يلي: “يعاقب بالسجن من خمس إلى عشر سنوات، من هتك أو حاول هتك عرض أي شخص ذكرا كان أو أنثى، مع استعماله العنف. غير أنه إذا كان المجني عليه طفلا تقل سنه عن ثمان عشرة سنة (..)، فإن الجاني يعاقب بالسجن من عشر إلى عشرين سنة.”. وقد تصل العقوبة، حسب مقتضيات الفصل 488 من ق. ج.، المضمنة في جدول جرائم العرض، باعتماد ظروف التشديد، حد 30 سنة سجنا.
وللجريدة متابعة لفصول نازلة “البيدوفيل البيضاوي” المثيرة، التي هزت واهتز على وقعها الرأي العام، وتعدى صداها حدود المغرب، قد دخلت على خطها جمعية “ماتقيش ولدي”، وتفاعل معها بقوة فاعلون حقوقيون وجمعويون، ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، وفنانون، وغيرهم.
تعليقات 0