القصة الكاملة لمصرع 7 بحارة في مركب للصيد الساحلي قبالة ميناء ميناء الجرف الأصفر سنة 1984
مزاكان نيوز _ عبد الله غيتومي
فاجأتهم ” الموفيطا ” وطوحت بمركبهم ” الفضل من الله ” للمرحوم سيدي العربي المكاوي في أبشع فاجهة عرفها بحر الجديدة
قبل فاجعة الباخرة الفليبينية المنكوبة في عرض مياه الجديدة ، كانت بحارة المدينة استيقظوا ذات خميس من شهر دجنبر 1984 على خبر مصرع 7 بحارة ضمنهم الرايس سيد العربي المكاوي ، بعد أن طوحت بهم رياح عاتية في عرض مياه الجديدة قبالة ميناء الجرف الأصفر ، وأغرقت مركب ” الفضل من الله ” الذي كان يعد يومذاك نشيطا في الصيد بالبالونكري في أسماك من نوع السنور والموستيل والراية والباجو والمرين .
وصل الخبر صاعقة إلى الجديدة ” لقد مات الرايس سيد العربي المكاوي و6 من البحارة المتمرسين ضمنهم السفياتي والزوين والموس ومصطفى ولد آسفي .
ففي للية باردة من شهر دجنبر 1984 لم تكن الأرصاد الجوية ببلادنا بمثل هذه الدقة والتطور ، الذي يخبر بأدق التفاصيل عن البحر وتقلباته ، في تلك الليلة ذكر عبدالسلام الشعشوع أن البحر سيكون هائجا وعلو أمواجه ستتجاوز السبعة أمتار ، وأن ركوب البحر سيكون مغامرة غير محمودة العواقب .
كان الرايس المرحوم سيد العربي المكاوي من أحسن ” الرياس ” الذين كونوا أنفسهم بعصامية نادرة ، بدأ مشواره مع البحر بالصيد بالقصبة ثم امتلك قاربا صغيرا قبل أن يصبح مالكا لمركب للصيد الساحلي أطلق عليه ” الفضل من الله ” .
كان سيد العربي يدرك تمام الإدراك خطورة الخروج للصيد في تلك الليلة الهوجاء ، ولكنه سبق وأن اقتنى 350 درهما من ” الكاشطي ” وهو الطعم الذي كان يوضع في ” السنانير ” لاصطياد الأسماك ، ومخافة أن يفسد هذا الطعم قرر مع زملائه من طاقم المركب ، التوكل على الله والتوجه بدل منطقة ” الشرقي ” عند حجرة بيبور وأزمور ، إلى منطقة ” الغربي ” عند الجرف الأصفر وسيدي عابد حيث البحر لا يكون هائجا بالحدة التي تبعث على الريبة .
توكل سيد العربي وأصحابه على الله في مركب ” الفضل من الله ” وبعد لحظة مسير لأميال بحرية ، أضحوا في عرض مياه مقابلة لسيدي عابد وهناك ” كالاو ” المركب ومنوا النفس بصيد وفير ينسيهم قساوة البحر وأمواجه .
سارت الأمور عادية وكأن البحر بذلك السكون الذي وفره في لحظة من اللحظات ، كمن يرسل رسالة بأنه ” السكون الذي عادة ما يسبق العاصفة ”
فجأة وبعد أن اطمأن سيد العربي وأصحابه بهدوء البحر ، هاجمتهم عاصفة بحرية طوحت بمركبهم قبالة ميناء الجرف الأصفر ، تعالت أصواتهم ” اللهم صلي عليك أرسول الله أجاه النبي ” ، أرسل المركب إشارات إلى مركز الإنقاذ بميناء الجرف الأصفر الذي كان يتخذ الترتيبات الأخيرة لفتح أبوابه أمام الملاحة الدولية كأكبر ميناء معدني في إفريقيا والشرق الأوسط ، لكن لم تتم الاستجابة لإشارات الاستغاثة ، أعقب ذلك صمت رهيب وحلت الفاجعة ، لقد تهاوى المركب في فم البحر ، وبدأ البحارة يغرقون تباعا وكانت الحصيلة مفجعة بكل المقاييس ، مات سيد العربي وستة من البحارة ولم ينج منهم سوى ” سيدي أحمد باكو ” الذي كان سنه 80 سنة آنذاك إذ ظل عالقا بلوحة خشبية طفت به إلى شاطئ النجاة .
وأذكر أنه لمزيد من كشف تفاصيل غرق مركب ” الفضل من الله ” أجريت حوارا مطولا على صفحة كاملة نشرته جريدة ” الميثاق الوطني ” مع سيدي أحمد باكو ” الذي كان من ساكنة الملاح ، ومما قاله وهو يتحسر على فقدان أصحابه السبعة ” لقد خرجنا نسترزق الله لكن البحر فاجانا بأمواجه العاتية ، لقد شاهدت تفاصيل موت أصحابي يموتون لحظة بلحظة أمامي ، ولكن ما حز في نفسي أننا طلبنا النجدة من مركز الإنقاذ بميناء الجرف الأصفر ، ولكن لا أحد انتبه إلينا وتركونا نموت ، أهذا هو أكبر ميناء في إفريقيا ” “
وزاد سيدي أحمد باكو ” انا لا زلت تحت وقع الصدمة ورجع صدى وصية صديقي السفياتي يتردد في أذني ، لقد اوصاني عندما أدركه الغرق والوفاة ” واسيدي أحمد أنا مشيت تهالى ليا في الوليدات وبلغ سلامي ليهم ”
ولم يكن الاستجواب الذي صدر في الميثاق الوطني وما قاله سيدي أحمد باكو عن ميناء الجرف الأصفر ، ليعجب السلطة الإقليمية آنذاك ، عندما توصلت باستدعاء للمثول عاجلا غلى قسم الشؤون العامة والذي كان يرأسه يومذاك ” بندريس ” وما أدراك ما ” بندريس ” وقفت أمامه فخاطبني بنبرة غاضبة ” تبارك الله أسي غيتومي ، هاذ الميناء ديال الجرف الأصفر خاسرة عليه الدولة أموالا طائلة كاكبر مينلء في غفريقيا والشرق الأوسط ، وجي نتا خسر لينا السمعة ديالو بهاذ شي لي كتبتي ، غادي نعطيك 24 ساعة تخرج مقال تكذب فيه ذاك شي لي خرج في الاستجواب ولا غادي نقدمك للمحكمة نتا والميثاق الوطني ”
كان جوابي ” سي بندريس هذا ماشي كلامي ، راه كلام سيدي أحمد باكو الناجي من الموت ” رد علي دائما بغضب شديد ” باكو فيه الخاعة ديال الموت ونتا مالك أسيدي ، سير كذب المقال ولا نصيفطك المحكمة “
اتصلت بالجريدة وكان مديرا لها آنذاك محمد بنعيسى الذي سيصبح وزيرا للثقافة وحكيت لهم ماجرى مع بندريس ، فقالوا لي ليذهب إلى المحكمة ، وفعلا ظلت تهديدات بندريس مجرد تلويح بالمحاكمة خاصة إذا ماعرفنا أن مالك الميثاق الوطني يومذاك هو أحمد عصمان الذي انتخب في 1984 رئيسا لمجلس النواب .
وتلك قصة نداولها بين الناس والله يرحم الرايس سيد العربي المكاوي وأصحابه رحمة واسعة .
تعليقات 0