ما أجمل القدر الجزائري – المغربي …
لحسن العسبي _متابعة
هل كان لابد أن يكون رياض محرز، بالضبط، هو الذي سيحرر صرخة عارمة انطلقت في ذات اللحظة من نواكشوط حتى السويس، مرورا بالعيون وأكادير والدار البيضاء وفاس ووجدة ومغنية ووهران والشلف والجزائر وتيزي وزو والقسنطينة وعنابة وتونس والحمامات والقيروان وطرابلس وبنغازي والإسكندرية والقاهرة وأسوان والخرطوم؟.
ما أجملها من صرخة، فرحا بالولد الجميل ويسراه الساحرة، وتلك التقويسة والإنحناءة التي تكون للفنان (وليس فقط للاعب)، وفرحا بالقميص الوطني الذي يبلله بعرق الرجال. لم يخطئ أهلنا المغاربة حين رفعوا اللافتة عالية من “فاس” (وكونها من فاس فهي لها معنى الإمتداد والتاريخ والحضارة): “أنا مغربي، إذن أنا جزائري”.
وها هو مكر القدر الجميل، يمنحنا أمام الأشهاد، وأمام الملايين من أبناء الحياة بكامل الكرة الأرضية (سجلت تلك المباراة متابعة من مليار ونصف المليار من المشاهدين عبر العالم)، أن يكون رياض محرز، الخلوق، ولد الناس، إبن مدينة تلمسان (شقيقة فاس في الحضارة والتاريخ)، هو صانع الخرافة التي لا تصدق، وفي الوقت الميت للمباراة.
أن يكون بالضبط هو رياض محرز، الذي حين أطلق يسراه تجاه الكرة، كان الدم الدافق من القلب ممزوجا من دم والده الجزائري وأمه المغربية. أي قدر جميل هذا الذي يقصف أهل السياسة في بلدينا. فالقدم التي سجلت معجونة بسرنا المشترك إنسانيا في الجزائر والمغرب. هنا الكيمياء أكبر من حسابات اللحظة السياسية الآنية.
شكرا ل “أبو عناية” على ما منحنا من لحظة خالدة في الحب وفي التاريخ وفي الإنتماء. (“أبو عناية”، لأن رياض محرز هو أب لطفلة إسمها “عناية”. وهذا إسم أمازيغي بامتياز، لا يزال ساكنا أعالي الأطلس المغربي وأعالي الأوراس الجزائري إلى اليوم).
تعليقات 0