مزاكان نيوز

إنهيار إلياس المالكي أثناء المحاكمة

كانت محاكمة إلياس المالكي (27 سنة)، الذي يتربع على عرش “الستريمينغ” في العالم، استثنائية بكل المقاييس، بالنظر لحجم متابعيها، والاستنفار الأمني الذي رافقها بمحيط القطب الجنحي كما بداخله. ولم يكن أحد يتوقع أن المالكي الذي يسهر الليالي الطويلة في العالم الأزرق، لن يصمد سوى ثلاثين دقيقة، لما انهار وسط حشد من متتبعيه.
أسعف المالكي بجرعة ماء في ثاني حضور له في قضية ارتبطت بشكايات من جمعيات أمازيغية سجلت عليه إساءة في حق المكون الأمازيغي ببلادنا، إضافة إلى شكايات أخرى من حمزة بورزوق وسيمو البورقادي، ولم يتمكن دفاعه من انتزاع السراح المؤقت من هيأة حكم نقلت له خبرا غير سار بشكاية جديدة من جهات أمازيغية.

حالة استثنائية سبقت المحاكمة
تميزت الجلسة الثانية من محاكمة إلياس المالكي، والتي احتضنتها القاعة الكبرى للجلسات بالقطب الجنحي بالمحكمة الابتدائية بالجديدة، عصر الخميس الماضي، بحالة غير عادية، إذ شوهدت سيارات رجال أمن بوحدة التدخل السريع متوقفة قرب باب المحكمة، كما انتشر البعض منهم ببهوها على غير العادة. وقبل انطلاق الجلسة التي تأخرت لثلاث ساعات، حرص رجل أمن على المرور وسط صفوف الحاضرين، على التأكد من جعل هواتفهم في “وضعية الطائرة”، وخاطب شخصا تردد في ذلك ” طفي تلفونك ما فينا ما نديرو ليك محضر”. كان الشرطي كما لو أنه يتقمص دور رئيس مركز امتحان للباكلوريا، قبل أن تتوتر أعصابه مخاطبا إحدى النساء الحاضرات “آ لالة ولدك ممنوع يوقف في الصف المخصص للعيالات”.

بداية الجلسة وطلعة المالكي
رغم كل الترتيبات الأمنية فإن حجم الحضور كان كبيرا، بل تدخل الأمن لإخلاء أربعة صفوف إضافية لتخصيصها لهيأة الدفاع، ما جعل “نورالدين الشينوي” يتابع محاكمة زميله إلياس واقفا، على غرار العديد من المعجبين بـ”الستريمر” العالمي، الذين كان الكثيرون منهم يدعون معه “بأن يطلق الله سراحه”، بل إن أحدهم همهم بصوت خافت ” ياربي تشوف من حالو راه ضروري يحضر دوري الملوك مع بيكي “.
في حدود الساعة الثالثة عصرا، نادى الكراوي، رئيس هيأة الجنحي التلبسي التأديبي اعتقال، على إلياس المالكي الذي أخرج من بيت السجناء وسط ثلاثة من رجال الأمن، بدون نظارته السوداء التي اعتاد عليها في فضائه الأزرق، كان يرتدي “قبية” زيتية اللون طالقا شعره الكثيف، وبعد رده على أسئلة التأكد من هويته وسط عدد كبير من محاميه، جاؤوا من أجل سراح مؤقت يعيده إلى برجه بسطح منزل مجاور للمجزرة الجماعية، حيث سجاله الدائم مع العديدين.

محاكمة الشخصية الكامنة
لما استوى المالكي بقفص الاتهام بالتهم التي يتابع من أجلها، وأبرزها الإساءة للمكون الأمازيغي والتحريض على الكراهية، والسب والتشهير عبر وسائل سمعية بصرية في حق أشخاص ضمنهم حمزة بورزوق وسيمو البورقادي، صار “المالكي” الهادئ الذي يشهد له المقربون بفعل الخير ورفض الخروج من بيت العائلة، وحبه الدائم للاعتكاف ببرجه، وبذلك فالهيأة كانت بصدد محاكمة “الشخصية الثانية للمالكي” تلك المثيرة للجدل، وهي التي جرته لدهاليز المحكمة.

لحظة انهيار المثير للجدل
بدا المالكي أول الأمر شامخا لعله كان يمني النفس بسراح مؤقت، سيما أن عبد الفتاح زهراش استطاع أن ينتزع لفائدته تنازلا عن المتابعة من جميع الجمعيات الأمازيغية المشتكية، كما من حمزة بورزوق وسيمو البورقادي.
وبعد أن قطعت الجلسة من عمرها نصف ساعة، استعرض خلالها القاضي الكراوي أسماء كل المشتكين من جمعيات وأشخاص ذاتيين، سقط الخبر صادما على إلياس عندما خاطبه رئيس الهيأة ” عندك شكاية أخرى جديدة من قبل أحد الأشخاص الأمازيغ وقد ضمت إلى الملف “، وهي اللحظة التي انهار فيها وتوقفت محاكمته لبضع دقائق قبل استرجاع قوته.
بصدد هذا الإغماء المفاجئ سألت “الصباح” محاميه عبد الحميد صبري، عما إذا كانت هناك علاقة بين الخبر وانهيار موكله، فرد أنه غير مؤهل بالقول بوجود علاقة من عدمه، وزاد موضحا أن المالكي أثر فيه العياء بشكل كبير، وكأن صبري كان يحيل على فترة الحراسة النظرية التي دامت 72 ساعة، منذ ألقى عليه القبض المصطفى رمحان، رئيس المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بالجديدة، واقتاده من برجه إلى حيث خضع لاستنطاق مفصل حول التهم الموجهة إليه.

تأمل ورفض للسراح
بعد مرافعة من دفاعه التمست له السراح المؤقت مادام يتوفر على ضمانات الحضور إلى المحاكمة، حددت له الهيأة جلسة ثالثة في 12 نونبر الجاري، وبعد ساعات من التأمل ارتأت الهيأة ذاتها عدم تمتيعه بذلك السراح، حيث كانت تنتظره سيارة أمن نقلته إلى سجن سيدي موسى الذي قضى فيه سابقا ثلاثة أشهر حبسا نافذا في قضية اعتدائه على سيمو البورقادي.


عبد الله غيتومي (الجديدة)