غيتومي يكتب عن الحب …زمن المسخ
يبدو أن كل العادات والتقاليد الأصيلة التى عشناها مع الأباء والأجداد، تعرضت إلى اختراق واضح حد أنها تراجعت بشكل رهي لفائدة عادات دخيلة من الغرب بشكل خاص، جعلت شبابنا اليوم يضبط عقارب مواعده الكبرى على الأخر في استيلاب لا شبيه له ولا نظير.
ومن تلك المواعد التي اكتسحتنا رغم أنفنا، عيد الحب الذي يصادف 14 فبراير من كل سنة مبلادية، وهو عيد يتدابل فيه الأحباء هدايا، في معظمها علب شوكولاطة وورود حمراء، يلعلع فيها اللون الأحمر كما هو شموخ “بلعمان” في فصل ربيع حل مزهوا بعد مطر غزير ، الشكولاطة والورود الحمراء حتما ولو أنها تمكنت، من حجر هامش كبير في موروث الشباب، فإنها لم تفلح إطلاقا في زعزعة ناس زمان وطقوس احتفالهم بحب زمان.
الحب أبدا ليس وليد اليوم بل هو آبدي منذ وجدت البشرية. ولكن التعبير عنه تارة بالمشاعر وتارات أخرى بالهدايا الرمزية، فزمان كانت الشوكولاطة لإسكات الرضع والصغار، مع توأمها “الفنيد والتوفيطة لكن أن يرقى الشكلاط درجات لدى شبابنا هذا ليصبح عربون الحب والتتيم، فذاك ما لم يعترف به “ناس زمان ” فحب ذلك الوقت الذي تصل أصداؤه قليلة كرجع صدى للمتحابين اليوم، كانت من طقوسه الكبرى عادات وتقاليد، والاحتفال به ليس لحظة مسروقة ذات يوم من شهر فبراير من كل سنة، بل كان أياما ترتبط بالمواعد الكبرى التي تعرفبالعواشر، حيث كما حكت امرأة للجريدة ، امتد بها العمر إلى يومنا هذا “شوف أوليدي اليوم زمن المسخ واش الحب شكلاطة وفنيدة ونوارة، الحب ديال الصح تفكيرة لوز وكركاع وشربيل وجلابية.
وواصلت مضيفة أن ما نعيشه اليوم يعد انحرافا حقيقيا عما ورثناه من عادات متأصلة وعريقة، مؤكدة أن التعبير عن الحب كانت تؤصله وتمنحه الاستمرارية “التفكيرة” فيرمزيتها الكبرى، وواصلت أن الحب بين خطيبين معا أو بين زوج وزوجته، لم يكن الاحتفال به فقط يوما واحدا في السنة، “بل أيام الحب عندنا والأسلاف عديدة، يحرص فيها من جانب الرجال على التعبير عن روابط حبهم للشريكة وصدق المشاعر، ب”التفكيرة التي هي عبارة عن هدايا ” الفاكية “من تمر ولوز وكركاع وحناء وورد بلدي وكحل وسواك وحركوص وعكرفاسي، وجلابية وقفاطين من حرير وشرابيل موزونة تسلب الناظرين .
واستطردت أن التعبير عن حب زمان كانت كلفته شيئا ما غالية ومكلفة، بل ومحركة للاقتصاد المحلى، سيما في القيساريات العتيقة ولدى بائعى الفاكية والعطارين، وكان ذلك يخلق رواجا يشعرنا فعلا بآن الحب فعلا لازال حيا يرزق اليوم تضيف بحسرة شديدة بادية على تجاعيد وجهها المزين بوشم راسخ بين الحاجبين “كل شيء في هذا الزمان رخص وقلت قسمته، ففاتورة حب أولاد وبنات اليوم لا تتعدى ثمن شوكولاطة ووردة حمراء بعشرة دراهم ملفوفةفي السولوفان”، وضحكت من الأعماق “إنه الحب الملفوف في الميكا.
وختمت المرأة العجوز التي تبدو فعلا أنها من “حراس معبد ” حب الزمن الجميل، أنها لا تعترف إطلاقا بقصة عيد الحب التى بدأت مع القديس فالنتاين، وأعلنتها مدوية “باركة من المسخ.. لنا حبنا ولهم حبهم.
تعليقات 0