قرار بالقتل ورط عصابة التي استولت على“مليار” من فيلا بالجديدة
كانت جلسة الثلاثاء الماضي، بغرفة الجنايات الابتدائية بالجديدة، آخر حلقة في مسلسل أفراد عصابة اقتحموا في ماي الماضي، فيلا أطباء بحي كاليفورنيا الراقي بالجديدة، واستولوا على ما يناهز مليار سنتيم وحلي ومجوهرات.
وفي الوقت الذي اعتقد عقلها المدبر أن الأمر لن يتجاوز نطاق عقوبة بخمس سنوات، كان للمحكمة رأي آخر فالجريمة التي نوقشت، كانت من صنف ” السرقات المشددة ” لأنها اقترنت بأفعال أخرى ، وقادت منفذيها إلى الأقصى ومنحتهم ” تذكرة إقامة طويلة بسجن ” مول البركي” بآسفي عندما وزعت عليهم نصف قرن من السجن النافذ .
عادة ما يصادف الثلاثاء، توافدا كبيرا للمواطنين على قصر العدالة، خاصة من قبل عائلات متابعين في قضايا جنائية، لكن بدت الأمور مخففة هذه المرة، إذ اختفى ذلك الازدحام الذي كانت تعرفه قاعة الجلسات الرئيسية رقم 1، بينما عرف بهو المحكمة حركة ملحوظة من محامين، انصرف أكثرهم إلى مرافقها الإدارية للقيام بإجراءات أو استكمالها .
أجواء ما قبل المحاكمة
الملاحظ أن الذي لم يطرأ عليه تغيير في ذلك اليوم، هو عدد رجال الأمن الذين انتشروا في الأماكن المعتادة لهم، فيما كانت امرأة تضع على ظهرها رضيعا انتابته نوبة بكاء، فبادرها أحدهم ” الشريفة الله يخليك سيري بعدي من القاعة… الجلسة غادي تنطلق”.
وفي خضم تلك الأجواء، توجهت امرأة طاعنة في السن، تحمل استدعاء صوب أمني واستفسرته بود عن محام ذكرته بالاسم. مشط الأمني كل البهو سالف الذكر، ورد عليها بتقدير أن المحامي لم يحضر بعد، قبل أن يناولها كرسيا تسترجع به أنفاسها المنهكة، بعد أن تبين أنها قدمت باكرا من إحدى قرى دكالة العميقة.
فيما ظهر شاب مفتول العضلات يلبس قميصا صيفيا غير مبال بسطوة برودة طقس هذه الأيام ، متسائلا عن قضية ترتبط بمقتل شخص. أخبر أنها أجلت إلى وقت لاحق، قبل أن ينصرف إلى حال سبيله.
جرس العدالة … محكمة
رن جرس العدالة، ففتح بابان، واحد ولجت منه هيأة حكم برئاسة حمزة الحبيب والآخر ولج منه ممثل الحق العام. كانت ملفات القضايا معروضة على الطاولة، وبسرعة قررت هيأة الحكم في شأنها التأجيل إلى جلسات لاحقة، باستثناء نزر قليل منها اعتبر جاهزا، وكان ذلك يوحي أن رئيس الهيأة يستعجل الوقت، للتفرغ لملف كبير جرى تأجيله لثلاث مرات، ويتعلق بثلاثة أشخاص يتحدرون من قبيلة “أولاد يعيش” التابعة إلى بني ملال ومعهم امرأة خمسينية، والدة أحدهم، متهمين بالسطو على مال مملوك للغير يقدر بمليار سنتيم إضافة إلى حلي ومجوهرات.
كانت كل الأمور توحي منذ البداية أن الأمر لا يتعلق بسرقة بسيطة، تتراوح عقوبتها بين شهر وسنتين، بل هي في عداد “سرقة مشددة”، وهو ما جعل دفاع المتهمين يلتمس لهم أقصى ما يمكن من ظروف التخفيف.
مناقشة ونطق بالأحكام
كانت مناقشة القضية بصفة عامة تروم الإجابة عن سؤالين محوريين، أولهما كيف عرف الجناة أنه يوجد بالفيلا مبلغ مليار؟ وثانيهما أين أخفوا معظم المبلغ المسروق؟
بداية تأكد رئيس الهيأة من هوية الماثلين أمامه، سيما العقل المدبر المعروف بسوابق قضائية، ثم استعرض عليهم حصيلة ما خلصت إليه مرحلة التحقيق معهم التي استغرقت قرابة ثمانية أشهر. ومن ضمن الأسئلة التي انعطفت بالقضية إلى المادة 509 من القانون الجنائي، والتي تصل عقوبتها من عشر إلى خمس عشرة سنة، تلك التي وجهها إلى شاب لا يتعدى عمره 19 سنة ” هل كنتم تحملون أسلحة ما لحظة تنفيذكم السرقة؟ هل استعملتم التسلق للولوج إلى الفيلا المسروقة؟
كانت إجابة ذلك الشاب كافية بأن تجعل حبل المادة 509 يلتف التفافا حول أعناق أفراد العصابة، فقد أقر أنهم نفذوا السرقة بأياد مسلحة وأنه كان يحمل عصا، وتلقى تعليمات من زعيم العصابة بعدم التردد في إلحاق الأذى بكل من يصادفه في طريقه، ولحسن الحظ أن والدة الأطباء غادرت الفيلا قبل نصف ساعة من تنفيذ السرقة .
وواصل أفراد العصابة صمتهم المريب عن كل الأسئلة، التي حاولت الهيأة أن تسلط بها المزيد من التوضيح، عمن أفادهم بأن الفيلا بها “مليار” سنتيم، وكذلك عن مصير المبلغ المسروق، بعد أن دلوا الأمن على حفرة عثر بها فقط على 100 مليون سنتيم، و13 مليونا بحوزة والدة أحد الماثلين بقفص الاتهام.
وطالب ممثل الحق العام بإنزال أقصى العقوبات على أفراد العصابة ، الذين ظهر من خلال تصريحاتهم أنهم خططوا للسرقة بدقة ونفذوها باحترافية ، وأن ظروف التشديد قائمة نظير تسلق جدار الفيلا والتسلح أثناء القيام بالسرقة.
بعد المداولة طبقا للقانون عاقبت هيأة الحكم الضالعين الثلاثة ب45 سنة سجنا بتقاسم بينهم ، بينما نالت والدة أحدهم 4 سنوات عن عدم التبليغ وحيازة شيء متحصل من سرقة ، فيما قرر محامي الأطباء استئناف الحكم الصادر عن المحكمة.
عبدالله غيتومي (الجديدة)
تعليقات 0