نازيهي …توصيات المجلس الأعلى للحسابات تبقى مجرد ملاحظات تُتلى دون تنفيذ فعلي على أرض الواقع يضعف أثرها في معالجة الاختلالات القائمة

أكد لحسن نازهي، منسق مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل في مجلس المستشارين، على أهمية تحويل توصيات المجلس الأعلى للحسابات إلى التزامات قانونية وإدارية صارمة تستطيع إحداث تغيير ملموس.
واعتبر أن بقاء هذه التوصيات مجرد ملاحظات تُتلى دون تنفيذ فعلي على أرض الواقع يضعف أثرها في معالجة الاختلالات القائمة.خلال مناقشته لعرض الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات حول أعمال المجلس يوم الاثنين، حيث شدد نازهي على أن الأمر يتجاوز مجرد نشر التقارير، إذ يتطلب الوضع الحالي آليات مراقبة حقيقية تربط هذه التوصيات بمسؤوليات واضحة.
وأضاف أن هذه التقارير تصبح عديمة الجدوى إذا لم يتم تفعيلها بقرارات شجاعة تُلزم المسؤولين بتصحيح الأخطاء، وإلا ستظل حلقات التقصير تتكرر دون تغيير يُذكر.
وأشار نازهي إلى أن استمرار نفس المشكلات، وعدم تفاعل الحكومة مع تقارير المجلس، إلى جانب غياب الإرادة السياسية لتنفيذ إصلاحات جذرية حقيقية، يعطل عجلة التنمية في البلاد. وتساءل عن جدوى التقارير إن لم تكن هناك عواقب أو محاسبة فعلية، حيث أصبحت هذه الوثائق أشبه بتقارير تُكتب دون تأثير يذكر على السياسات العمومية.
واعتبر تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنتي 2023-2024 وثيقة بالغة الأهمية، لأنها لا تكتفي برصد التزام الحكومة بمبادئ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة، بل تسلط الضوء أيضًا على اختلالات متجذرة وتجاوزات مستمرة تعيق تحقيق التنمية المنشودة.
وأعرب عن أسفه للوضع الحالي، مبرزًا الفجوة الكبيرة بين التقارير والتغيير العملي. وأشار إلى أن المحاكم المالية تفصّل في اختلالات مالية وإدارية وسوء تدبير قطاعات متعددة، لكن النتائج الملموسة ظلت غائبة، وكأن الأمور تسير في حلقة مفرغة.
التقرير الأخير كشف بدوره عن اختلالات في ورش الحماية الاجتماعية، الذي يُعد قطاعًا حيويًا يهدف إلى توفير الحد الأدنى من العيش الكريم للمواطنين.
وأوضح أن فئات كبيرة، خصوصًا في المناطق النائية، ما زالت محرومة من الخدمات الصحية والضمان الاجتماعي، رغم الميزانيات الضخمة المرصودة لهذا القطاع. وتعكس هذه الحالة فجوة واسعة بين الأهداف المعلنة والتنفيذ الفعلي بسبب ضعف التسيير وانعدام العدالة في توزيع الموارد.
كما أظهر التقرير تخصيص موارد مالية كبيرة للحماية الاجتماعية دون وجود أثر ملموس على جودة الخدمات المقدمة. الأمر الذي يثير تساؤلات حول استمرار هذا الوضع وغياب الشفافية والمساءلة في هذا القطاع المهم.
وفي قطاع التعليم العالي الخاص، أشار التقرير إلى اختلالات على مستوى تقنينه مقارنة بالتعليم العمومي. حيث تركز القوانين على الجوانب المالية أكثر من الأكاديمية، مما يؤدي إلى تدهور في جودة التعليم والأبحاث العلمية. ونبه نازهي إلى كون بعض الجامعات الخاصة تُدار ككيانات ربحية على حساب جودة التعليم والشهادات، مما يفاقم الفجوة بين الطبقات الاجتماعية من حيث فرص التعليم.
وشدد في هذا السياق على ضرورة مراجعة نظام التعليم العالي الخاص بشكل شامل. وأوصى التقرير بتعزيز الشفافية وتطوير آليات رقابة فعّالة لضمان احترام المعايير الأكاديمية وحماية جودة التعليم لفائدة الجميع..
تعليقات 0