نهايات مأساوية …انتحار امرأة لعجزها عن تسديد ديونها وضبط 22 مليونا وشيكات لدى مراب

لما انتزعت بلادنا استقلالها، لم تكن حركة البنوك والمصارف نشيطة على النحو الذي هي عليه اليوم، وكان الناس يدخرون أموالهم بخزنات خشبية، فيما النساء يحولنها إلى حلي ذهبية، وذلك كله تحسبا لـ”دواير الزمان”.
لم تكن الجديدة استثناء في هذه القاعدة العامة، إذ في الكثير من الأحيان وفي وقت “الحزة”، كان الناس يلجؤون إلى الاقتراض من الأقارب، ثم تطورت الأمور لاحقا إلى الاقتراض من أغيار بفوائد متفق عليها مسبقا، فكانت نشأة “المتيريس”، الذي تقوى بشكل لافت للانتباه منتصف القرن الماضي، وزادت حدته بعد 2000 ، وكانت له نتائج وخيمة على الاستقرار الأسري وفي الكثير من الأحيان، كان السبب في تفككه، بل أحيانا انتهت مغامرات “المتيريس” بفواجع لم تكن أبدا منتظرة..ش
فقبل حوالي أربع سنوات وضعت امرأة بحي شعبي بالجديدة، حدا لحياتها، بعد أن تناولت مادة سامة ولفظت أنفاسها الأخيرة بمستعجلات المستشفى الإقليمي محمد الخامس.
وكانت شهادات تواترت يومها تفيد أن الهالكة، وهي أم لأطفال صغار، كانت مدينة بمجموعة من القروض بفوائد، وأنها مقابل ذلك، سلمت للمرابين مجموعة من الشيكات البنكية على سبيل الضمان، بعد أن اتفقت معهم على قيمة الفوائد وطريقة التسديد وأجلها، لكن أمام عجزها عن الوفاء بما التزمت به، أضحت تحت طائلة شكايات تقديم شيكات دون مؤونة، والزج بها في السجن المحلي سيدي موسى، ولما ضاقت ذرعا بتردد أصحاب ” المتيريس” على منزلها، ومطالبتهم لها بأموال كثيرة على عاتقها، اختارت الانتحار حلا أمام شماتة الجيران.
وفي عز جائحة “كورونا” ولما ضاقت السبل بالعديدين، فقدوا عملهم ومصدر عيشهم، وكانت وجهة البعض منهم نحو شخص بـ” أزمور” ، أقرضهم بفوائد، ظلت تتراكم كلما خضع القرض لإعادة جدولة، ما تسبب للعديدين في مآس كثيرة، كانت كافية أن تحرك المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بالجديدة، إذ نصب له رئيسها المصطفى رمحان كمينا محكما، أسقطه متلبسا بمبلغ 22 مليون سنتيم، كانت هي السيولة التي يغذي بها صفقاته اليومية مع مترددين عليه.
وعن أسئلة حول مبررات تحوزه بالمبلغ المذكور، لم يقدم إجابات مقنعة، ما دفع فريق البحث إلى الانتقال معه إلى منزله، وبحضوره وبأمر من وكيل الملك فتشت جنباته تفتيشا دقيقا وشاملا، وكانت المفاجأة صادمة إثر العثور على خزنة بها مئات الشيكات بمبالغ مختلفة مسحوبة عن أغيار، ومنها شيكات على بياض، لم يقدم بشأنها الشخص الموقوف أي إفادات عن المعاملات التجارية أوغيرها التي تمت مع أصحابها، قبل أن يقر بأنها موضوعة لديه على سبيل الضمان، من قبل أشخاص أقرضهم بفوائد.
وعلى خلفية ذلك، قامت المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بجرد كل الشيكات وأسماء أصحابها، وبعد أن تعرفت على عناوينهم قامت باستدعائهم أمامها، واستمعت لهم في محاضر رسمية شهودا في القضية، حيث أفادوا جميعهم أنهم تحت ضائقة أزمات مالية حادة، اقترضوا من الشخص الموقوف مبالغ مالية بالربا، وسلموه ضمانة عليها شيكات بنكية، هي التي تم حجزها لحظة تفتيش منزله.
إثر ذلك قدم المعني بالأمر أمام النيابة العامة، والتي أودعته سجن سيدي موسى ونال عقوبة حبس نافذ، بينما تم إتلاف الشيكات المحجوزة.
عبدالله غيتومي (الجديدة)٠٠
تعليقات 0