مزاكان نيوز

فلاحون بدكالة على حافة الإفلاس

يضطر العديد من الفلاحين بمنطقة دكالة، التي تضم الجديدة وسيدي بنور، إلى عرض معداتهم الفلاحية للبيع لتوفير سيولة مالية للإنفاق على حاجياتهم اليومية، ما يشكل فعلا ” قمة المعاناة ” التي تعيشها بادية دكالة جراء توالي خمس سنوات من الجفاف الذي أضر بالزرع والضرع، وحول العديد من المناطق بها إلى “شبه صحراء” قاحلة، رغم أن المنطقة تعد رقما مهما في معادلة الأمن الغذائي، خاصة في العديد من سلاسل الإنتاج الهامة، كالسكر والحليب والخضر واللحوم الحمراء والبيضاء والحبوب.القيام بجولة عبر ربوع النطاقات الزراعية الكبرى بدكالة ، سيمكن من رؤية ضيعات فلاحية شبه مهجورة، تشهد بعض أشجار مثمرة بها أنه ذات أيام كان هناك نشاط فلاحي وفير الغلال ومدر للدخل .ففي النطاق السقوي الكبير خاصة بسيدي بنور، والذي يمتد على مساحة 96 ألف هكتار نقف عند حجم ” المأساة ” التي حلت بعدد كبير من المنتجين، إثر تراجع المساحة التي كانت مخصصة للشمندر، من 23 ألف هكتار إلى 7 آلاف تقام اليوم بنظام ” سقي بالآبار “، وذلك راجع إلى توقف ” الدورات السقوية ” الضرورية، التي كانت تتغذى من حقينة مركب سد المسيرة، والتي وصل مخزونها حاليا إلى الحضيض.وبالقدر الذي أصاب الجفاف منتجي الشمندر في مقتل، فإنه سدد ضربات قاضية إلى هذه الفلاحة الاجتماعية، التي كانت توفر فرص شغل دائمة وموسمية، وتعد محركا مهما لاقتصاد مناطق الإنتاج وأيضا في سيدي بنور، حيث أكبر معمل لصناعة السكر ببلادنا ، والذي كان يسد 42 في المائة من الاحتياجات الوطنية .وفي القطاع السقوي بدكالة لم تسلم ” الزراعات الكلئية ” من الإجهاد المائي، إذ تراجعت فيها مساحات شاسعة خاصة في الفصة والذرة، ما أضر بـ “الكسيبة”.والمأساة مضاعفة في القطاع البوري بدكالة، إذ جفت الآبار وتراجع مستوى الفرشة المائية، وتضررت منطقة الولجة من هشتوكة شمالا إلى أولاد غانم جنوبا، وازدادت ملوحة المياه بها.كل ذلك كانت نتائجه واضحة على حجم إنتاج الخضر والبواكر بهذا الشريط الساحلي المهم، الذي يئن أيضا تحت وطأة غلاء مصاريف الإنتاج و أثمنة اليد العاملة، وضعف عائدات سنوية لا تؤمن حتى المصاريف التي أنفقت على الإنتاج، وهو ما جعل المنتجين تحت رحمة ” عداد القرض الفلاحي” الذي لا يتوقف عن الدوران، بخصوص الديون المترتبة وفوائد التأخير .والأثر الاجتماعي تبدو انعكاساته خطيرة على المجال الحضري، في شكل حركة نزوح قوية إلى الجديدة وسيدي بنور من قبل شباب باحث عن مصادر عيش بديلة، حيث ” الاستقرار العشوائي ” الذي أضحى يبعث من جديد بوادر ” بناء عشوائي ” قابله اليوم امحمد العطفاوي، عامل الجديدة، بإعلان ” حرب الصناديق” لما تحركت الجرافات لهدم أساسات مجموعة من المنازل خارج القانون، وكانت البداية من تراب جماعة مولاي عبدالله ” دوار الغضبان ” ، وهي لا شك متواصلة في مناطق أخرى، وتجفيف شوارع الجديدة من الباعة الجائلين، سعيا ألا يتحول ” الإجهاد المائي ” إلى إغراق الجديدة بكل الأنشطة التي ترسخ الترييف، مع ما لذلك من آثار وخيمة على الأمن.

عبدالله غيتومي