AisPanel

” النوار” و ” شيوخ العقار” بالجديدة يجهضون حلم امتلاك سكن

5 أغسطس 2019 - 3:22 م

عندما أعلن الملك الراحل الحسن الثاني عن برنامج 200 ألف سكن سنة 1995 كان الهدف هو تمكين الأسر من الفئات الاجتماعية الأقل حظا من تملك سكن ملائم يدفعون ثمن شرائه أقساطا تكون أقل من ثمن الكراء المرهق، لكن اليوم، وبعد مرور 25 سنة تقريبا تحول هذا الحلم إلى كابوس بعدما انقلب «السكن الملائم» إلى «كيطوهات» وأصبحت حياة الأسر الفقيرة أكثر إرهاقا بعد أن كبلتها الأقساط والفوائد البنكية التي لا تنتهي، وذلك في أكبر جريمة ضد المغاربة لعب فيها المنعشون العقاريون دور البطولة.
لقد كان المنعشون العقاريون، إلى جانب الدولة طبعا، لاعبا أساسيا في مباراة إقبار حلم أبناء هذا الشعب بسكن يحترم آدميتهم ويحفظ كرامتهم.. سكن لا يلعبون فيه مع أبنائهم لعبة «من ينام أولا»، ولا يضطرون إلى إعادة «بنائه» بسبب العيوب التي تعتريه بمجرد أن تطأه أرجلهم.. أو إلى إفراغه لأن البنك قرر أن يبيعه «فوق ظهورهم» بسبب عسر في الأداء وجور في الحساب.
لقد شارك «وحوش العقار» في جرائم إبادة لكل ما هو جميل في حياة هذا الشعب، فإضافة إلى مسخ المعمار المغربي الأصيل وتقزيمه، ساهموا في تفريخ التجمعات السكنية على حساب المساحات الخضراء وأماكن الاستجمام، فتحولت مدننا إلى ميناء كبير يعج بالحاويات المبعثرة من كل الأصناف والألوان.
المشاريع السكنية الاقتصادية، التي تناسلت كالفطر خلال السنوات الأخيرة في الجديدة و عدد من المدن، لا تتوفر على الشروط الدنيا للعيش الكريم ولا تحترم القواعد البسيطة في إنجاز التجزئات السكنية، كالمساحات الخضراء والمرافق الاجتماعية والرياضية والثقافية، إضافة إلى أن مساحة الشقق، والتي لا تتعدى في أحسن الأحوال 50 مترا مربعا، تجعل هذه الشقق كيطوهات سكنية أو معتقلات بأثمنة تزيد على 40 مليون سنتيم، إذا ما تم احتساب الفوائد عن القروض البنكية التي تبقى الوسيلة الوحيدة المتاحة أمام غالبية المواطنين للحصول على هذه الشقق، التي لا تحترم الخصوصية المغربية ولا تعتبر بديلا سكنيا يحترم كرامة المواطن وإنسانيته.

النوار افة تنخر العقار و تجهض احلام امتلاك سكن 

ورغم مساهمة عروض التمويلات البنكية المختلفة في الإجابة على إشكالات امتلاك سكن إلى حد معين، ما تزال رغبة العديد من الباحثين عن تملك مسكن، تصطدم بعوائق أخرى، تتمثل في سلوكات غير قانونية للعديد من المنعشين العقاريين سواء بمدينة الجديدة أو غيرها من مدن المملكة.

أكثر هذه العوائق انتشارا، مطالبة البائع للزبون بمبلغ مالي ينضاف إلى المبلغ المصرح به،او ما يصطلح عليه شعبيا ب (النوار  ) ليجهض بذلك هذا الطموح في مهده  بالنسبة لعدد كبير من الأسر ذات الدخل المحدود.

“النوار”، هو مبلغ إضافي يفرض صاحب المشروع العقاري على الزبون دفعه “تحت الطاولة” دون التصريح به، مما يرفع ثمن السكن إلى نسب عالية، تصل في كثير من الأحيان إلى حدود 40 في المائة تبقى ربحا صافيا لفائدة المنعش العقاري لا تخضع ﻷية واجبات ضريبية، حسب ما سجلته ” مزاكان نيوز “من خلال معاينات ميدانية، وأكدتها تصريحات مواطنين أجهضت أحلامهم في امتلاك “قبر الحياة”.

“أثارني إعلان يخص بيع شقق اقتصادية بحي المطار و طريق سيدي بوزيد ، اللافتة تقول تحدد السعر في 250 الف درهم (25 مليون سنتيم  )، وعند الاتصال بمكتب البيع تفاجأت باثمنة أخرى تراوح ما بين 280 الف درهم و 350 الف درهم”، يحكي شاب حديث الزواج من مدينة الجديدة، تجربته مع البحث عن سكن يعتزم اقتناءه عن طريق التمويل البنكي.

ويضيف هذا الشاب في بوح للجريدة ، أن وكيل البيع أكد له أن التصريح سيقتصر على مبلغ 250 ألف درهم، فيما عليه تسليم المبلغ الآخر قبل توقيع عقد البيع ومباشرة الإجراءات الأخرى واخد يسرد له اسباب هذه الزيادة والمتمتلة في مصارف الساندبك وواجبات كهرباء المصعد ..   .

وحسب المتحدث، فإن هذا الشرط الذي يعتبره ضمن خانة الابتزاز، يضيع عليه الفرصة لامتلاك سكن سيستمر في دفع أقساطه لسنوات طويلة. “فأي منطق يجعل هؤلاء المنعشين يطالبونك بمبلغ إضافي وأنت لا تكاد تتوفر على قيمة المصاريف الأخرى التي تصاحب عملية تملك السكن؟”، يتساءل هذا الشاب في مرارة لافتة.

ومع موسم الصيف هذا كثر توزيع اشهارات على المواطنين في المقاهي وعلى متن سياراتهم و في الشوارع الرئيسية،اشهارات تشير إلى عروض متاحة خاصة بالسكن الاقتصادي، وعلى مد البصر تنتشر عدد من المشاريع السكنية منها ما هو في طور البناء وأخرى جاهزة للتسليم.

لكن هذا الإجراء الأخير لا يمر بالضرورة وفق المساطر المحددة قانونا وكما تدل عليه الإعلانات المنتشرة.

وفي هذا الصدد، يعترف وكيل ﻷحد المشاريع السكنية الاقتصادية، بان الثمن الذي يتم التصريح به لا يتجاوز 200 الف درهم، مشيرا إلى ضرورة إضافة 50 الف درهم في إطار “النوار”.

يذكر ان الفيدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين، كانت قد أطلقت حملة ضد “النوار” في 2010 من أجل إرساء دعائم الشفافية في القطاع تماشيا مع ميثاق الآداب وأخلاقيات المهنة الذي اعتمدته في هذا المجال، عبر دعوة الفاعلين في الإنعاش العقاري إلى الإعلان على واجهات العمارات التي يشيدونها أن “أثمنة البيع مصرح بها 100 في المائة”.

ومن أجل محاربة التهرب الضريبي في المعاملات العقارية من خلال عدم التصريح بقيمة بيع العقار الحقيقية، اعتمدت المديرية العامة للضرائب إجراءات تمثلت في وضع أثمنة مرجعية لبيع العقار بمختلف أنواعه، وذلك بهدف احتساب الضريبة بناء على الأثمنة المرجعية وليس التصريح.

وارتباطا بالموضوع، أبرز الاستاذ ( ز م )محامي بهيئة الجديدة ، أن “الاعتقاد السائد لدى معظم الناس من الناحية الواقعية، لاسيما طرفي عقد البيع، أن ما يسمى ب”النوار”هو جزء لا يتجزأ من عملية البيع حتى سار شائعا في الكثير من التعاملات العقارية”، غير أنه، يضيف المحامي، “مسألة غير قانونية تنطوي على إثراء بلا سبب من طرف البائع وتضرب الاقتصاد الوطني والتنمية المستدامة المنشودة”.

وأضاف المحامي، أن “النوار” “فيه نوع من الابتزاز من طرف البائع، سواء أكان مقاولا أو منعشا عقاريا، للمواطن العادي الذي يريد اقتناء سكن”، مذكرا بأنه كثيرا ما نسمع أن الدولة تتدخل في شخص إدارة الضرائب لإعادة مراجعة الضريبة على الأرباح العقارية.

وذكر بأن الفصل 230 من قانون الالتزامات والعقود ينص على أن العقد شريعة المتعاقدينº وهو ما يعني أن ما يصرح به في عقد البيع بين البائع والمشتري هو المعتد به من الناحية القانونية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!