قصص بوليسية ..رقم هاتفي يقود إلى قاتل مهاجر بالجديدة

1 سبتمبر 2023 - 1:28 م

لم يمضي أقل من شهر على فتل فرنسي على بد أفارقة بحي السلام الحديدة، حتى اهتر حي النجد المجاور في 2017 على وقع العثور على مهاجر مغربي ، جثة متعفنة بشقته التي كان يقضي بها إجازته السنوية وحيدا ، واستنفر الحادث أجهزة أمنية بتلوينات مختلفة ، وانطلق البحث عبر مسارات متعددة للوصول إلى الجاني في أفرب وقت ممكن .
ولم يكن ذلك هينا بالنظر لأن الضحية لم تكن له علاقات متعددة ، كما لم يكن له أعداء بحسب إفادات أولية من أفراد عائلته، إلا أن وجود قنينات جعة وعوازل طبية منها ما هو مستعمل ، ولد قناعة منذ البداية لدى المحققين أنها جريمة قتل بعلامات شذوذ جنسي مقرون بسرقة موصولة..

رقم هاتفي يقود إلى قاتل مهاجر بالجديدة

كان الضحية مقيما بصفة رسمية بالديار الإسبانية
لمدة أكئر من 30 سنة، ودأب على زيارة مسقط رأسه بالحديدة، وبعد صلة الرحم بالعائلة، كان يمضى عطلته السنويه بشقة في ملكيته بحي النجد، وكان وحيدا بمفرده وببدو أنه مطلق. وخلال الأسبوع الذي سبق العثور عليه مقتولا بالشقة السالفة الذكر، وعلى غير عادته توفف عن الرد عن المكالمات الهاتفية، التى كان مصدرها أفراد عائلته وأساسا أخته، التى تملكتها ريبة شديدة وهي تعاود الاتصال به دون أن تتلقى منه جوابا.
وفي لحظة سيطرت عليها شكوك بأن مكروها حل به، وأن الأمر يقتضي منها التنقل إلي الشقة التى يقطن بها، وفعلا فعلت ولم يجد طرقها المكرر على بابها نفعا، إذ لا أحد كان يرد عليها، فربطت الاتصال بجيرانه وأفادوا أنه منذ قرابة أسبوع لم يشاهدوه، ولما كانت تتوفر على نسخة من مفتاح الشقة وبحضور بعض من سكان الجوار، فتحت باب الشقة فهالها منظر رهبب لجثة أخيها التي بدأت في التحلل وفمه مكمم بلصاق وعليه آثار تعنيف، كل ذلك يؤشر لجريمة قتل سيكشف البحث فصولها.
معاينات وأدلة جنائية
ارتفع صراخ الأخت المكلومة بالنهاية الأليمة لشقيقها
المهاجر بالديار الإسبانية، وبعد أن هدأ الجيران من روعها نصحوها بربط الاتصال بأمن الجديدة. وعلى التو حضر العميد المصطفى رمحان رئيس الشرطة القضائية الإقليمية، مرفوقا بعناصر فرقة محاربة الجريمة وآخرين من شرطة مسرح الجريمة. وبعد إبعاد فضوليين تجمهروا بمحيط الشقة، دلف المحققون إلى داخلها حيث عاينوا جثة الهالك وما عليها من كدمات وأيضا فمه وعليه لصاق، استعمله
الجانى وسيلة لكبح صوت الاستغاثة الذي يمكن أن يصدر عن الضحية لحظة الاعتداء عليه، كما وجدوا عوازل طبية منها واحد مستعمل وقنينات جعة فارغة وقنينة ” فودكا»، وأخذوا صورا للجثة من زوايا مختلفة ولدواليب بالشقة بعثرت الملابس التي كانت بها، ما أوحى للمحققين من البداية أن جريمة القتل التي هم بصدد معاينتها، كانت حتما مقرونة بسرقة موصوفة.
وإثر ذلك استدعى المحققون سيارة نقلت جثة الهالك إلى مستودع الأموات بالمستشفى الإقليمي محمد الخامس بالجديدة، وبأمر من النيابة العامة فتح بحث تحت إشرافه للوصول إلى مرتكب جريمة حي النجد.

ورقة برقم هاتفي مفتاح اللغز

عندما كان فريق المحققين يهم بمغادرة الشقة التي إنترنت فصول تلك الجريمة النكراء ، مدهم إبن أخت الضحية بورقة عثر عليها تحت باب شقته وعليها رقم هاتفي، وعلى الفور تعاملوا مع ذلك الرقم بالجدية المطلوبة، عندما حلوا مباشرة بوكالة للاتصالات واستخرجوا كل التفاصيل المتعلقة بصاحب الرقم الهاتفى، والذي كان يعمل بناء ويتحدر من سيدي إسماعيل. كما أنهم تمكنوا من الصورة التي كان يضعها على رقم ندائه، وعرضوها على
ابن أخت الضحية فتعرف عليه، وهو الشخص الذي تناول معه في السابق وجبة عشاء مع خاله الضحية.
ومن هنا انطلق شوط اختزال المسافات إلى الجاني،حيث اقتفى المحققون تحركاته من سكنه بملك الشيخ بالجديدة إلى حين أن طاب له المقام بمقهى فاخر بشارع محمد الخامس، وهى اللحظة التى وجد فيها نفسه محاطا بأمنيين عرفوه بصقتهم والغاية التي جاؤوا من أجلها، وأركبوه سيارة تابعة لهم واقتادوه إلى مقر الأمن الإقليمي حيث انطلق شوط من البوح المثير.
شذوذ وقتل مقرون بالسرقة

أنكر البناء في بداية الأمر لكنه تراجع معترفا أنه تعرف على الضحية بحديقة الحسن الثانى، وأنهما ضربا موعدا للعشاء بأحد الحانات وهو ما تم فعلا، وأكملا جلستهما الخمرية بالشقة مسرح الجريمة، وأن الهالك نزع ملابسه وطلب منه معاشرة جنسية، رفضها أول الأمر وقبل بها تحت إغراءات مالية، وأنه لما هم بتسليمه المقابل المادي عن ذلك، كشف عن امتلاكه قدرا كبيرا من المال، أسال لعابه،سيما وأنه كان عاطلا عن العمل ويعيش تحت تأثير ضائقة مالية حادة.
آنذاك قرر تصفيته والاستيلاء على 30 ألف درهم، وهو ما تم بالفعل، عندما سدد له لكمة قوية، ولماسقط كمم فمه بلصاق وخنقه حد إزهاق روحه، ثم مشط المكان وانصرف بعد إغلاق باب الشقة.

محاكمة بالمؤبد

اقتنعت هيأة حكم أن القتل العمد مع سبق الإصرار
والسرقة الموصوفة والشذوذ الجنسي، كل ذلك ثابت في حق الجاني وبعد أن أعملت في حقه الفصول 392 و393 و489، عاقبته بالسجن المؤبد.

 

جريدة الصباح : عبد الله غيتومي 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!